طرق تحفيز الطفل على الدراسة لتشجيع صغيرك بحُب
24 أبريل 2025, 06:21 م
24 أبريل 2025, 06:21 م
في إحدى الأمسيات، جلستِ أمام كراسة الحساب، تحدقين في الأرقام التي لم تُكتب، والطفل يختبئ خلف باب الغرفة، وكأنّ بينه وبين الدراسة خصومة قديمة. تتساءلين في داخلك: لماذا لا يحبّ المذاكرة؟ لماذا يتحوّل كل واجب منزلي إلى معركة؟
الحقيقة أن هذا المشهد ليس غريبًا، بل يتكرر في بيوت كثيرة، ويقودنا إلى سؤال جوهري تبحث عنه كل أم، ما هي طرق تحفيز الطفل على الدراسة دون صراخ، أو تهديد، أو معارك يومية؟
معظم الأطفال لا يكرهون الدراسة، بل يكرهون الشعور بالإجبار؛ لا يرون في الدروس شيئًا يخصهم، ولا يشعرون بأنها صنعت لهم. وهنا، في هذا الفراغ بين الدرس والاهتمام، تبدأ المشكلة.
وفي هذا المقال، نحاول أن نقترب من الطفل بعين أمه، لا بمعايير الكتب. نستعرض معًا خطوات بسيطة، ذكية، تزرع في قلبه حب التعلّم، وتُحوّل المذاكرة من عبء إلى مساحة اكتشاف.
يتطلب تحفيز الطفل على الدراسة فهمًا عميقًا منا لاحتياجاته وطبيعته، فهو لا يعتمد فقط على الكلام، بل على البيئة والأدوات التي نقدمها له، ومن أبرز الطرق التي يمكننا الاستعانة بها لتحقيق ذلك:
غالبًا ما نلوم الطفل على تشتته، لكننا ننسى أن بيئته قد تكون أول من يُشتّته!
طفل في السادسة من عمره لا يستطيع الفصل بين العالم من حوله والكتاب بين يديه، لذا فإن أول خطوة لتحفيزه على الدراسة تبدأ من خلق مساحة تُشعره بالأمان والتركيز.
ليس شرطًا أن تكون غرفة منفصلة أو مكتبًا ضخمًا. أحيانًا، مجرد ركن صغير في غرفة المعيشة يكفي، إذا كان مرتبًا، ملوّنًا، ومُعدًا له وحده. مكان يعرف أنه "مساحته الخاصة للتعلّم"، فيها أقلامه، كُتبه، وربما ملصق يحبه على الجدار.
أضيفي إلى ذلك بعض التفاصيل الصغيرة التي تُحدث فرقًا كبيرًا:
ولا تنسي أن تكون هذه المساحة خالية من المشتتات قدر الإمكان؛ لا تلفاز يعمل في الخلفية، ولا ألعاب مفتوحة، ولا ضوضاء عالية.
اقرئس أيضًا: كيفية التعامل مع الطفل الذي يرفض الدراسة بطرق فعالة
هل يفهم طفلك لماذا عليه أن يتعلم؟ هل يرى في الدراسة شيئًا يُشبهه؟ أم أنها مجرّد أوامر تُلقى عليه كل يوم دون تفسير؟
معظم الأطفال لا يكرهون المعرفة، بل يكرهون الطريقة التي تُفرض بها، فالطفل بطبيعته فضولي، يسأل كثيرًا، ويندهش من أبسط الأمور، لكنه حين يشعر أن الدراسة عبء لا خيار له فيه، يبدأ في النفور.
وهنا يظهر الفارق بين طفل يذاكر لأنه "مجبَر"، وآخر يذاكر لأنه "متحمس".
فهم الدوافع يعني أن نبحث مع الطفل، لا عنه، نسأله: ما الذي يُعجبك في الرياضيات؟ هل تحب أن ترسم؟ هل تفضل أن نشرح الدرس كقصة؟ هل تحب أن تعمل بيدك؟
بهذه الأسئلة البسيطة، نُضيء أول شمعة.
دعينا نخبركِ أيضًا أن هناك أطفال يتحفّزون حين يشعرون بالنجاح السريع، وآخرون يحتاجون الوقت. بعضهم تستهويهم الألوان، وبعضهم تحفّزهم المنافسة الهادئة، وآخرون ينجذبون فقط حين يجدون التشجيع لا النقد.
حين نفهم دوافع الطفل، نكسب ثقة عظيمة، ونُمسك بيده ونمشي معه، بخطى ثابتة، مهما تأخّر.
عند الحديث عن طرق تحفيز الطفل على الدراسة، نجد أن الفكرة لا تكمن في الساعات التي يقضيها الطفل في المذاكرة، بل في كيفية تقسيم وقته بطريقة تجعله قادرًا على التركيز لفترات طويلة دون الشعور بالتعب.
فالطفل يحتاج إلى وقت مُنظم، وفترات قصيرة مليئة بالتركيز، يتخللها وقت للراحة.
هناك تقنية بسيطة جدًا تُسمى "البومودورو"، وهي تقوم على تقسيم الوقت إلى فترات عمل قصيرة (حوالي 25 دقيقة) تليها 5 دقائق من الراحة.
الفكرة هنا أن العقل البشري لا يمكنه الاستمرار في التركيز لفترات طويلة، لكن بهذه الطريقة الصغيرة، نمنح الطفل فرصة لتجديد نشاطه، ليعود بحيوية أكبر.
لكن، لا تنسي أن تنظيم الوقت يجب أن يكون مرنًا، فليس كل طفل يستطيع تحمل نفس المهام، ولكل طفل توقيت خاص به.
عندما تتنوع الأنشطة بين العمل والراحة، يصبح التركيز أسهل، والنجاح أقرب.
لا يحتاج الطفل إلى أن نثقل كاهله بمزيد من النقد، فهو لا يملك مناعة ضد كلماتنا القاسية، وتلك النظرات التي تحمل في طياتها لامبالاة تجاه جهوده. ما يحتاجه ببساطة هو التشجيع، ذلك الشعور البسيط الذي يُحفّزه ليواصل السير في طريق الدراسة.
قد يظن البعض أن طرق تحفيز الطفل على الدراسة تقتصر على الهدايا والمكافآت، لكن الحقيقة أن أفضل وسيلة تكمن في شيء أبسط من ذلك بكثير، وهو أن نشجع الطفل على الجهود الصغيرة، حتى وإن لم يحقق النجاح الكامل الذي ننتظره.
نحن لا نحتاج إلى انتظار نجاح باهر كي نُقدّر عمل الطفل، فالتقدير يأتي من الاعتراف بالجهد، حتى وإن كان محاطًا بالأخطاء، وعندما يشعر الطفل أن ما يفعله هو موضع تقدير واحترام، فإنه يفتح بابًا كبيرًا من الثقة بالنفس.
تشجيعنا هو الوقود الذي يُحركه عندما تتلاشى كل المحفزات الأخرى. مع كل كلمة طيبة، ومع كل ابتسامة تشجيعية، يزداد حماسه، ويشعر أنه قادر على أن يحقق المزيد، حتى لو كانت خطواته الأولى متعثرة.
ما لا يعرفه الكثيرون هو أن طرق تحفيز الطفل على الدراسة لا تحتاج إلى الجدية المطلقة، بل يمكن أن تتجسد في لحظات من المرح.
الطفل يملك فضولًا فطريًا، والفضول لا يمكن أن يتغذى من روتين ممل أو دروس جافة. لكن، إذا استطعنا تحويل المعرفة إلى لعبة، فإننا نكون قد فتحنا أمامه أبوابًا جديدة من الاهتمام.
لا شيء يمنع أن تتحول مسائل الرياضيات إلى تحديات، أو أن تصبح دروس اللغة العربية مغامرة شائقة. وعندما نُضفي طابعًا من المرح على الدراسة فإننا نُحسّن تجربة التعلم، ونغرس في الطفل حبًا دائمًا للمعرفة.
ومن ثم، يصبح الطفل أكثر استعدادًا لاستكشاف المواضيع، والمساهمة في حل المشكلات، وهو بذلك يتعلم أكثر مما يتخيل.
في عالم مليء بالصوتيات والمرئيات، قد يبدو أن القراءة مجرد وسيلة مملة لتمضية الوقت، لكن في الحقيقة، هي بوابة لعالم من الأسرار التي لا تُكتشف إلا من خلال الكتب.
وعند الحديث عن طرق تحفيز الطفل على الدراسة لا بد من ذكر تعليم الطفل حب القراءة، لأنها الطريقة الأكثر تأثيرًا في توسيع مداركه، فهي رحلة داخل عقل الطفل، تُشعل فضوله وتفتح له أبواب المعرفة.
فالطفل الذي يُحب القراءة يُصبح شغوفًا بالتعلم والاكتشاف، وعندما يكتشف الكتاب كرفيق دائم، تصبح رحلة التعليم أقل عبئًا، فكلما شعر الطفل بمتعة القراءة، كانت طرق تحفيز الطفل على الدراسة أكثر فاعلية.
عندما يُواجه الطفل مهمة كبيرة ومركبة، قد يشعر بالتشتت أو بالضغط النفسي، وهذا أمر طبيعي، وهنا يأتي دور طرق تحفيز الطفل على الدراسة، والتي تقتضي أن نعلم الطفل كيفية تقسيم المهام.
فبدلًا من أن يُطالَب الطفل بأداء كل شيء دفعة واحدة، يمكننا تقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة يسهل التعامل معها، ويشعر الطفل أنه قادر على إنجاز كل خطوة.
والطفل الذي يتعلم أن كل جزء من المهمة يُمثل خطوة نحو الهدف يشعر بإنجاز أكبر، ومع كل خطوة يحققها، يزداد حماسه للخطوة التالية.
يساعد هذا التقسيم في تحسين تركيز الطفل، ويمنحه أيضًا شعورًا متزايدًا بالقدرة على التحمل والتصميم.
وأخيرًا، يحمل كل طفل بداخله بذرة حب للتعلّم، لكن هذه البذرة تحتاج من يسقيها بالصبر، والاهتمام، والتشجيع، وقد تبدو طرق تحفيز الطفل على الدراسة كثيرة ومتنوعة، لكن الأهم من كل طريقة هو القرب من الطفل وفهم عالمه الصغير.
وتذكّري دائمًا أن الدراسة باب لحياة أوسع، ومع كل لحظة دعم، وكل كلمة طيبة، تزرعين في طفلك حبًا للعلم يدوم ويكبر معه.