whatsapp
علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة | خطوات عملية لدعم طفلك

علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة | خطوات عملية لدعم طفلك

21 فبراير 2025, 11:53 ص

ما هو علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة؟ 

يجلس طفلكِ في آخر الصف، عيونه تراقب الأطفال وهم يضحكون ويتبادلون الحديث. يحاول أن يرفع يده ليجيب عن سؤال المعلمة، لكن صوته لا يطاوعه. يتراجع في مقعده، يتمنى لو كان غير مرئي!

ثم يعود إلى المنزل، تلاحظين صمته. تسألينه عن يومه في المدرسة، فيرد بإجابة مقتضبة. لا يذكر أسماء أصدقاء، ولا يحكي عن مغامرات اليوم الدراسي، فقط "كان يومًا عاديًا". لكنكِ تشعرين أن هناك ما هو أكثر من ذلك.

الخجل في المدرسة هو حاجز يمنع طفلكِ من الاستمتاع بتجربته الدراسية، فكيف يمكن مساعدته على تجاوز ذلك؟ وكيف تمنحينه الثقة ليكون أكثر راحة وسعادة بين زملائه؟ هنا تجدين الإجابة.

علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة

خطوات علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة.png 63.4 KB

الخجل ليس خطأً، لكنه قد يكون حاجزًا إذا لم يتعلم الطفل تجاوزه. وهنا يأتي دوركِ، فأنتِ الوحيدة القادرة على كسر هذا الجدار، ومن أبرز خطوات العلاج: 

تعزيز ثقة الطفل بنفسه

الأمر يبدأ من المنزل، من الطريقة التي يرى بها طفلكِ نفسه قبل أن يراه العالم. هل يشعر أنه قادر على مواجهة التحديات؟ أم أن صوته الداخلي يهمس له بأنه أقل من الآخرين؟ كل تجربة نجاح صغيرة تضيف لبنة في بناء ثقته، وهنا يأتي دوركِ في دعمه بخطوات عملية.

إحدى أفضل الطرق لتعزيز ثقته هي منحه الفرصة لاكتشاف مهارات جديدة، خاصةً تلك التي تمنحه الإحساس بالإنجاز، مثل البرمجة

تعلم البرمجة يمنح الطفل مهارات حل المشكلات والتفكير المنطقي، مما يجعله أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الاجتماعية بثقة. 

فعندما يرى أنه أنجز مشروعًا بنفسه، يزداد شعوره بالقدرة والإنجاز، مما ينعكس على تفاعله في المدرسة.

كل كلمة يسمعها منكِ تؤثر في صورته عن نفسه، لذا كوني مصدر دعمه. لا تكتفي بقول "أحسنت"، بل اجعلي المدح محددًا: "لقد أصلحت هذا الخطأ بنفسك! أنت تفكر بشكل صحيح"، فبهذه الطريقة، تساعدينه على بناء يقين داخلي بأنه قادر على النجاح، بعيدًا عن الخوف أو التردد.

ومن ثم فتعزيز الثقة بالنفس تلعب دورًا هامًا في علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة. 

تدريبه على المهارات الاجتماعية

الخجل يكون أحيانًا نتيجة عدم معرفة "كيف يتصرف" في موقف اجتماعي معين. قد يريد طفلكِ اللعب مع زملائه لكنه لا يعرف كيف يطلب ذلك، أو يرغب في الإجابة عن سؤال المعلمة لكنه يخشى أن يقول شيئًا خاطئًا. هنا يأتي دور التدريب العملي الذي يجعله أكثر استعدادًا لمواجهة هذه المواقف.

تشير دراسة نُشرت في مجلة الطفولة إلى أن تدريب الأطفال على المهارات الاجتماعية يقلل من مستويات الخجل لديهم، مما يساعدهم على التفاعل بشكل أكثر راحة وثقة في البيئة المدرسية. 

لذا، يمكنكِ البدء بتمثيل الأدوار معه في المنزل، اجلسي معه وتخيلي مواقف مدرسية مختلفة، كأن يطلب اللعب مع أحد زملائه أو أن يرد على سؤال المعلمة. اجعليه يجرب أكثر من طريقة، وعلميه كيف يختار كلماته بثقة، فذلك يمنحه إحساسًا بأنه يمتلك خطة مسبقة، مما يقلل من ارتباكه في اللحظة الحقيقية.

تهيئته للمواقف المدرسية مسبقًا

المجهول هو أكبر مخاوف الطفل الخجول. عندما لا يعرف ما ينتظره، يشعر بالتوتر، وهذا قد يجعله أكثر انسحابًا في المواقف الاجتماعية، لكن عندما يكون لديه صورة واضحة عن المدرسة وما سيحدث فيها، يصبح الأمر أكثر سهولة.

قبل بدء العام الدراسي، اصطحبيه في جولة داخل المدرسة، ودعيه يرى فصله، وساحة اللعب، والحمامات، وكل الأماكن التي سيتردد عليها يوميًا. 

تحدثي معه عن الروتين المدرسي، وأخبريه كيف ستبدأ الحصة وكيف يمكنه التفاعل مع المعلمين والزملاء، فعندما يعرف مسبقًا ما سيحدث، سيشعر براحة أكبر عند مواجهته.

التعاون مع المعلمين

طفلكِ لن يقضي يومه كله معكِ، وهنا يأتي دور المدرسة في دعمه وتشجيعه. لا تترددي في التواصل مع معلمته وإخبارها أن طفلكِ خجول، فالمعلم الجيد يمكنه المساعدة بلطف. 

ومن الجيد أن تطلبي منها أن توجه له أسئلة سهلة في البداية، وأن تمنحه فرصة للإجابة دون ضغط. وجود معلم داعم يمكن أن يكون نقطة تحول في حياة الطفل داخل المدرسة.

في المنزل، اجعلي الحديث عن المدرسة جزءًا من يومكما، اسأليه عما حدث، لكن لا تجعلي الأسئلة تبدو كاستجواب. بدلًا من السؤال التقليدي "كيف كان يومك؟"، جربي أن تسأليه "ما أكثر شيء أعجبك اليوم؟" أو "هل حدث شيء مضحك في الفصل؟" الأسئلة المفتوحة تشجعه على التحدث دون خوف.

توفير بيئة آمنة في المنزل

علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة يبدأ من هنا، في بيئة آمنة تمنحهم الثقة ليكونوا أنفسهم دون خوف أو تردد.

المنزل هو المكان الذي تتشكل فيه شخصية الطفل، لذا من المهم أن يشعر فيه بالأمان والقبول دون شروط. 

لا تصفيه بالخجول أمام الآخرين، فالأطفال يصدقون الأوصاف التي يسمعونها عن أنفسهم، وإذا سمع منكِ دائمًا أنه خجول، سيشعر أن هذا جزء من هويته، مما يزيد الأمر سوءًا.

عندما يتحدث إليكِ، استمعي له باهتمام، لا تقاطعيه أو تستعجليه في الكلام. أعطيه الوقت ليعبر عن أفكاره، فهذا يعزز ثقته بنفسه ويشجعه على الحديث دون خوف. الأطفال الذين يشعرون أن أصواتهم مسموعة في المنزل يكونون أكثر جرأة في التعبير عن أنفسهم خارجه.

متى تحتاجين لاستشارة مختص لعلاج الخجل عند الأطفال في المدرسة؟

معظم الأطفال يمرون بمرحلة من الخجل، لكن متى يصبح الأمر مشكلة تحتاج إلى تدخل متخصص؟ 

إذا لاحظتِ أن خجله يمنعه تمامًا من التفاعل مع الآخرين، أو أنه يبكي أو يشعر بالقلق الشديد في المواقف الاجتماعية، فقد يكون هناك سبب أعمق يحتاج إلى معالجة. 

أحيانًا يكون الخجل الشديد مرتبطًا باضطرابات القلق أو تجارب سابقة أثرت على الطفل. في هذه الحالة، يمكن لاستشارة أخصائي نفسي أن تساعدكِ على فهم المشكلة بشكل أعمق ووضع خطة لمساعدته.

الخجل ليس عيبًا، لكنه قد يصبح قيدًا إذا لم يجد الطفل الدعم المناسب، ودوركِ هو مساعدته على اكتشاف قوته الداخلية، ليقف في وسط الفصل يومًا ما، ويرفع يده بثقة، دون أن يشعر أن العالم كله يراقبه.

تأثير الخجل على الطفل في المدرسة

تأثير الخجل على الطفل في المدرسة.png 120.14 KB

بعد التعرف على علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة دعينا نخبرك أن تأثير الخجل في المدرسة لا يقتصر على لحظات الصمت في الفصل، بل يمتد ليشكل علاقاته، وثقته بنفسه، وحتى رؤيته للعالم من حوله، ومن أبرز تأثيراته نجد: 

ضعف التفاعل في الفصل وتأثيره على الدراسة

التعلم في المدرسة لا يعتمد فقط على ما هو مكتوب في الكتب، بل على التفاعل مع المعلمين والزملاء، والطفل الذي يخجل من التحدث أو طرح الأسئلة قد يفوّت الكثير من الفرص للفهم والمشاركة. والمعلم قد لا يلاحظ أنه لم يستوعب الدرس إذا لم يطلب التوضيح، مما يجعله أكثر عرضة للتأخر الدراسي.

تشير دراسة نُشرت في مجلة العلوم الاجتماعية والتربوية إلى أن الخجل الشديد لدى الأطفال قد يؤثر سلبًا على تكيفهم المدرسي، مما يؤدي إلى صعوبات في التفاعل مع المعلمين والزملاء، وبالتالي ينعكس على مستواهم الأكاديمي. 

فالأطفال الذين يتجنبون التحدث في الفصل يجدون صعوبة في طرح أسئلتهم، مما يقلل من فرص استيعابهم للمادة الدراسية ويؤثر على تحصيلهم بمرور الوقت.

صعوبة تكوين صداقات

الأطفال الخجولون غالبًا ما يجدون صعوبة في بدء المحادثات أو الانضمام إلى المجموعات، مما يجعلهم معزولين دون أن يكون هذا خيارهم. 

قد يرغب طفلكِ في اللعب مع زملائه، لكنه لا يعرف كيف يقترب، يخشى أن يتم تجاهله أو رفضه، فيتراجع خطوة بعد خطوة، حتى يصبح وحيدًا دون أن يلاحظ أحد.

والصداقة في هذه المرحلة هي جزء أساسي من التطور الاجتماعي للطفل، فاللعب مع الأصدقاء يعلمهم التعاون، وحل المشكلات، ومشاركة المشاعر. 

وعندما لا يجد الطفل من يشاركه هذه التجارب، قد يؤثر ذلك على ثقته بنفسه ويجعله أكثر انطواءً مع الوقت.

احتمالية التعرض للتنمر

الطفل الخجول غالبًا ما يكون هدفًا سهلًا للمتنمرين، فعدم قدرته على الرد أو الدفاع عن نفسه قد يجعله أكثر عرضة للمضايقات، خاصة في بيئة مدرسية لا تراقب هذه السلوكيات بصرامة. 

والمتنمر يبحث عن من لا يرد، ومن يخجل من الشكوى، ومن يفضل الصمت على المواجهة، وهذا يجعل الطفل الخجول في دائرة الخطر.

الخوف من التنمر قد يزيد من عزلة الطفل، ويجعله أكثر ترددًا في المشاركة أو حتى في الذهاب إلى المدرسة. 

وبعض الأطفال لا يخبرون أهلهم بما يحدث، إما لأنهم يشعرون بالخجل أو لأنهم يعتقدون أن لا أحد يستطيع مساعدتهم. لهذا من المهم أن تكوني يقظة، تراقبي سلوكيات طفلكِ، وتسأليه عن يومه بطريقة تجعله يشعر بالأمان للحديث دون خوف أو خجل.

الخاتمة

الخجل قد يصبح عائقًا للطفل إذا منعه من الاستمتاع بتجربته المدرسية والتفاعل مع الآخرين، لذا فإن علاج الخجل عند الأطفال في المدرسة يبدأ بدوركِ كأم في دعمه بخطوات عملية تعزز ثقته بنفسه، سواء من خلال تشجيعه على التفاعل الاجتماعي، أو تعليمه مهارات جديدة مثل البرمجة التي تمنحه شعورًا بالإنجاز وقدرة أكبر على حل المشكلات.

التغيير لن يحدث بين ليلة وضحاها، لكنه عملية تحتاج إلى صبر واستمرار. 

احتفي بكل تقدم يحرزه، وكوني الملجأ الآمن الذي يجد فيه الدعم والتشجيع، وإذا شعرتِ أن خجله يؤثر بشكل كبير على حياته رغم كل محاولاتكِ، فلا تترددي في استشارة مختص، والأهم أن يدرك طفلكِ أنه ليس بحاجة للاختباء، بل قادر على مواجهة العالم بثقة.

السابق