قصة نجاح "رامي محمد" في البرمجة: بداية صغيرة وأثر كبير
28 May 2025, 11:42 pm
28 May 2025, 11:42 pm
ليس من السهل أن تُوجه طفلك لطريق مناسب لمستقبله، خصوصًا حين تبدأ من لا شيء؛ من شاشة، وبعض الحيرة، وكثير من الحُب. أحيانًا تكون البداية مجرّد فكرة طيّبة ظهرت في لحظة صمت، فغيّرت كل شيء بعدها.
تبدو الحكاية بسيطة؛ طفل صغير، وجهاز كمبيوتر، وقرار غير متوقَّع من والدَين قررا أن يُعلّما أبناءهما شيئًا له قيمة، لكن كما في كل قصة تستحق أن تُروى، يكمن العمق في التفاصيل، وفي التحوّلات الهادئة التي لا تُحدث ضجيجًا، لكنها تترك أثرًا.
في هذا المقال، نستعرض قصة "رامي محمد سلامة"، الطفل الذي بدأ رحلته في البرمجة في عمرٍ مبكر، وكيف غيّرت هذه التجربة تفكيره، وأثّرت في شخصيته.
في مدينة دمياط، ووسط ظروف استثنائية فرضها العالم في فترة الجائحة، اجتمع أب وأم داخل بيتهما يفكران في سؤال بسيط: "كيف نعلّم أولادنا شيئًا حقيقيًا؟"
لم يكن تفكيرهم منصبًا على مراجعة مناهج المدرسة أو تقوية درجات الامتحانات، فهم أرادوا أن يمنحوا أبناءهم شيئًا حقيقيًا؛ هارة تبني وتفتح أبوابًا جديدة.
وبعد بحث ومناقشات، استقر القرار على تعليمهم البرمجة واللغات، وهكذا بدأت الرحلة.
حينها، كان "رامي" يبلغ من العمر تسع سنوات، ولم يكن له سابق معرفة بالبرمجة، لكنّ الأبوين كانا مستعدين لدعمه من البداية.
ورغم أن الأب لم يكن على دراية بالبرمجة، وكان يظنها "شفرات معقّدة لا يفكّ طلاسمها إلا العباقرة، إلا أن شيئًا فيه أصرّ أن يحاول.
عندما جلس رامي أمام الحاسوب لأول مرة ليبدأ تعلُّم البرمجة، لم يكن يعرف تمامًا ما الذي ينتظره، فالرموز كثيرة، والمصطلحات تبدو غريبة، والواجهة الجديدة لم تشبه أي شيء درسه من قبل، لكن والده كان بجواره دائمًا.
ليس بالجوار فقط كداعم معنوي، بل كشخص قرر أن يخوض الرحلة نفسها، بتفاصيلها، فقبل حضور "رامي" الدرس، كان الأب يجلس في وقت فراغه ليشاهده وحده، يتعلّم ما فيه، يُدوّن الملاحظات، ويفهم ما يُصعب على طفل في التاسعة أن يستوعبه من المرة الأولى.
لم يكن ذلك التزامًا مفروضًا، بل قناعة كاملة أن الدعم لا يكون بالكلام فقط، بل بالفعل. ولم يكن من السهل على رجل يعمل في مجال بعيد تمامًا عن البرمجة، كالتشطيبات والمقاولات، أن يغوص في عالم الكود والمفاهيم التقنية. لكنه فعل.
بدأ "رامي" بتعلُّم أساسيات تصميم المواقع، فدرس HTML، و CSS، وتعلّم كيف يغيّر ألوان النصوص، ويضيف صورًا، وينسّق الأزرار، ودرس أيضًا JavaScript، ليفهم كيف يجعل المواقع تفاعلية.
كان كل سطر كود يكتبه أشبه باكتشاف جديد، وكل مشروع صغير يُكمله بمساعدة والده، يرفع من ثقته بنفسه.
ومع الوقت، بدأت المصطلحات الجديدة تصبح مألوفة، والكلمات الإنجليزية التي كانت تبدو غامضة بدأت تندمج في مفردات "رامي"، وهنا بدأت التغييرات تظهر عليه، ليس فقط في مهاراته، بل في شخصيته.
اقرأ أيضًا عن: تربية الأبناء في عصر التكنولوجيا
لم يكن الهدف من تعليم "رامي" البرمجة أن يصبح محترفًا في عمر صغير، أو أن يُنجز مشروعًا عالميًا خلال شهور، فالهدف ببساطة كان تعلم شيء نافع، لكن ما حدث كان أبعد من ذلك.
فمع مرور الوقت، بدأت علامات التغيّر تظهر على "رامي" واحدة تلو الأخرى. لم تكن تغيّرات فجائية، بل كانت تنمو بهدوء، مثل نبات يتسلّق الجدار دون أن يُحدث صوتًا.
فقد لاحظ الوالد أن "رامي" أصبح أكثر صبرًا، وأقل شكوى، فالبرمجة علّمته أن المشكلات لا تُحل بالتذمر، بل بالبحث والتجريب والتفكير، فأصبح يقسم المشكلات التي تواجهه إلى أجزاء أصغر، ويقترح حلولًا لها.
إلى جانب ذلك، فقد ساعدته البرمجة على تكوين حصيلة لغوية كبيرة باللغة الإنجليزية، فالمصطلحات التي يتعامل معها يوميًا أصبحت جزءًا من مفرداته، وبدأ يستخدمها بشكل تلقائي. لم يكن يحفظ كلمات من كتاب، بل يتعلّمها لأنه يحتاجها، فيفهمها في سياقها، ويستخدمها وهو يكتب كودًا حقيقيًا.
ولم تقف الفائدة عند اللغة فقط، بل امتدت إلى مادة الرياضيات، فالمنطق الذي اكتسبه من البرمجة جعله يفهم المعادلات بطريقة أفضل، ويحلّ المسائل بخطوات أكثر تنظيمًا. لم يعد ينظر للرياضيات كأرقام جامدة، بل كطريقة للتفكير تُشبه كثيرًا طريقة عمل الكود.
كل هذه التغيّرات لم تكن مكتوبة في بداية الرحلة، لكنها جاءت كنتائج طبيعية لمسار تعلّمي مختلف، فيه مشاركة حقيقية من الأسرة، وتقدير لصبر طفل، وتشجيع يومي على المحاولة.
اقرأ أيضًا: ألعاب برمجة للأطفال لتنمية مهارات التفكير والإبداع
بعض القصص تبقى في حدود البيوت، لا يسمع بها أحد، ولا يعرف أحد أصحابها. لكن أحيانًا، تظهر لحظة يلتفت فيها العالم فجأة، وينظر.
في حالة "رامي"، لم يكن هناك إعلان كبير ولا احتفال، فكل ما في الأمر أن تجربته المختلفة بدأت تترك أثرًا في منصة "لينكدإن"؛ المنصة التي يستخدمها المحترفون من مختلف المجالات، وهي مساحة من الصعب أن يتوقع المرء رؤية طفل فيها عمره لا يتجاوز الرابعة عشرة يتحدث عن تجربته في البرمجة، أو يشارك أشياء قصيرة مما تعلّمه.
لكن "رامي" كان يفعل ذلك، ومع مرور الوقت، بدأت الأنظار تلتفت؛ شخص يتفاعل، وآخر يُشيد، ثم ثالث يشارك قصته، حتى جاء اليوم الذي تم فيه تصنيفه ضمن قائمة لأكثر الأشخاص تأثيرًا على لينكدإن في العالم العربي في مجال البرمجة.
لم يكن التصنيف هو الإنجاز الحقيقي في حد ذاته، بل كان بمثابة شهادة بأن ما بدأ كتجربة تعليمية منزلية، أصبح إلهامًا للآخرين في أماكن بعيدة، وبأعمار مختلفة.
حين نبدأ رحلة مع أطفالنا، غالبًا لا ندري إلى أين ستأخذهم، لكن ما عرفه "رامي" وأسرته بعد سنوات من التعلم، والمشاركة، والمثابرة، هو أن البرمجة لم تكن مجرد مهارة جديدة، بل كانت بوابة؛ بوابة لفهم الذات، وتنظيم التفكير، والتعامل مع العالم بلغة مختلفة.
لم يكن "رامي" بحاجة ليصبح "عبقريًا صغيرًا" كما كان والده يظن في البداية، فما كان يحتاجه هو فرصة، ومَن يؤمن به.
في الوقت الذي يقضي فيه كثير من الأطفال ساعات طويلة أمام الشاشات في ألعاب بلا هدف، كان "رامي" يفتح نافذته الخاصة إلى عالم واسع، ويضع أولى لبناته فيه.
الآن، وبعد سنوات من بداية تلك الرحلة، ينصح "رامي" بتعليم الأطفال البرمجة في سن مبكر، لما لها من تأثير كبير على الطفل.
اقرأ أيضًا: أكثر من 10 منصات تعلم البرمجة مجانًا للأطفال
تُثبت تجربة "رامي" أن تعليم البرمجة ليس حكرًا على العباقرة أو المتخصصين، فهي رحلة يمكن أن تبدأ من أي بيت، وفي أي مدينة، وعلى يد أي والد أو والدة يقررون أن يستثمروا وقتًا وجهدًا في بناء مهارة حقيقية لدى أبنائهم.
والأهم؟ أنك لست مضطرًا أن تبدأ مع طفلك بمفردك.
في "ميجاميندز أكاديمي"، نساعد أولياء الأمور على أن يمنحوا أبناءهم بداية صحيحة في عالم البرمجة، من خلال مسارات تعليمية مناسبة لكل عمر، ومدربين مؤهلين يفهمون عقلية الطفل، ويشرحون بلغة بسيطة وجذابة.
فنحن نرافق طفلك في رحلته ليبني مهارة، يكتسب ثقة، ويُفكّر بطريقة جديدة. لذا، إذا كنت تبحث عن طريقة تمنح بها طفلك مهارة حقيقية تُنمي عقله وتُصقل شخصيته، فالبرمجة هي بداية ممتازة.
ابدأ مع طفلك اليوم وامنحه الأدوات التي تبني شخصيته ومستقبله.