أهمية مشاركة الأمهات في تعلم البرمجة مع أطفالهن
30 May 2025, 06:34 pm
30 May 2025, 06:34 pm
نحن في زمن لا يعرف التمهّل. كل شيء يتحرّك بسرعة من حولنا. الأجهزة تعمل بضغطة زر، والبرامج تُنشأ في لحظات، والطفل الصغير في غرفته يستخدم كلمات لم نعتد سماعها من قبل؛ كلمات عن شفرات وأكواد، وألعاب يصمّمها بنفسه، وعوالم يبنيها بخياله.
لكن، ماذا لو اقتربتِ خطوة؟ ماذا لو شاركته هذا العالم؟ هل تظنين أن البرمجة مجرد أكواد معقدة وحروف غريبة؟ حسنًا، الأمر أشبه بتركيب بازل، لكنه بازل يمكنه تشغيل لعبة أو بناء تطبيق قد يغير حياته، وحياتكِ أنتِ أيضًا.
حين تشاركين طفلك في رحلة تعلم البرمجة، أنتِ تدخلين معه باب المستقبل، ومن ثم دعينا نوضح لكِ في هذا المقال أهمية مشاركة الأمهات في تعلم البرمجة مع أطفالهن، فلنبدأ.
في الماضي، كانت المهارات الأساسية تقتصر على القراءة والكتابة والحساب. أما اليوم، فهناك مهارة رابعة بدأت تفرض نفسها بقوة، وهي البرمجة.
والحقيقة أن تعليم الطفل البرمجة منذ صغره يساعده على:
حين يتعلم طفلك البرمجة، يبدأ في فهم كيف تُبنى الأشياء، وكيف يواجه الأخطاء، وكيف يجد الحلول بنفسه، ومن ثم يصبح الطفل قادرًا على التفكير بهدوء، وتحليل الموقف، ثم بناء طريقه للخروج منه، وهذه هي مهارة ستبقى معه في كل مرحلة من حياته.
تخيّلي طفلًا يصمّم لعبته الخاصة، ويُضيف العناصر، ويختار ألوانها، ويُحدد ما يحدث عندما يضغط زرًا معيّنًا.
هنا يتحوّل الطفل من "مستهلك" للمحتوى إلى "صانع" له، فكل فكرة في رأسه يمكن تحويلها إلى كود، وكل كود يساعده في صناعة شيء جديد.
حين ينفّذ الطفل مشروعًا برمجيًا صغيرًا بنجاح، ولو كان بسيطًا، يشعر بفخر لا يُقدّر بثمن، والبرمجة تعلّمه أن الخطأ ليس نهاية الطريق، بل خطوة في الرحلة.
وهذا ما يميّزها عن كثير من المهارات الأخرى؛ أن النجاح يأتي بعد سلسلة من المحاولات، وأن كل محاولة فاشلة تقرّبه من النجاح أكثر، وهذه هي فلسفة حياتية.
في قلب كل أم تسكن رغبة دفينة، وهي أن ترى طفلها في أفضل حال. أن يتقدّم، ويتعلّم، ويسبق زمنه بخطوة، بل بخطوات.
لكن العصر تغيّر، والأدوات تغيّرت، ولم يعد يكفي أن نُطعم أطفالنا ونلبّي احتياجاتهم العادية، بل صار لزامًا أن نُشاركهم عوالمهم الجديدة؛ أن نخترق معهم الشاشات لا لنراقب، بل لنفهم، ونتفاعل، ونتعلّم.
البرمجة قد تبدو لأول وهلة شيئًا جامدًا، كأنه أداة تقنية باردة لا تحمل في طياتها دفء العاطفة أو الأمومة. لكن الحقيقة، أنها أقرب من ذلك بكثير، فهي جسر يمكن أن تعبر عليه الأم لتصل إلى طفلها، سواء في التفكير، أو في الأحلام.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن مشاركتك في تعليم البرمجة لطفلك تساعد على:
العلاقة بين الأم والطفل ليست فقط علاقة توجيه ونُصح، بل يجب أن تكون مبنية على الرفقة، عندما تختار الأم أن تدخل عالم البرمجة مع طفلها، فهي تقول له بشكل غير مباشر: "أنا شريكتك، لست فقط مراقبة لأفعالك."
ونجد أن هذا الشعور يُحفّز الطفل على فتح قلبه، ومشاركة أفكاره ومخاوفه وطموحاته، لأنه يشعر أن والدته جزءًا من عالمه الفكري، مما يعزّز احترامه لأمه، ويزيد من احترام الأم لطفلها عندما ترى قدراته ومواهبه تنمو أمام عينيها.
ومن ثم فهي علاقة تفاعلية جديدة، تتجاوز الواجبات المدرسية والطلبات اليومية.
غالبًا ما يرى الأطفال أمهاتهم كأشخاص يقومون بالأعمال المنزلية، ويهتمّون بالدراسة، ويقدّمون الطعام، ويوفّرون الرعاية. ولكن تخيّلي التأثير العاطفي والفكري على الطفل عندما يرى أمه تتعلّم لغة برمجية لتدعمه!
إنها صورة جديدة، وقوية، تُظهر الأم كشخص مستقل يتعلّم ويطور نفسه. في هذه اللحظة، تتحوّل الأم من صورة تقليدية في ذهن الطفل إلى نموذج يُحتذى به. ويتكوّن عنده وعي جديد بأن التعلّم لا يتوقف أبدًا، وأن النساء –والأمهات تحديدًا– قادرات على مواكبة العصر ومواجهة التحديات.
تحفّز هذه الصورة الجديدة الطفل نفسيًا، وتزرع بداخله تقديرًا عميقًا لقيمة الأم، ليس فقط بوصفها حنونة، بل بوصفها ذكية، وقوية، وطموحة.
الطفل المبتدئ في البرمجة يواجه صعوبة في الفهم أحيانًا، وقد يشعر بالإحباط عندما لا يعمل الكود كما أراد. هنا، يظهر دور الأم الحقيقي؛ الأم الحاضرة ليست فقط من تمدّ يد العون، بل من تمدّ قلبها قبل ذلك.
بكلمة تشجيع، أو بابتسامة رضا، أو حتى بمحاولة فاشلة تشاركها مع طفلها، يمكن للأم أن تبني طاقة نفسية تُعين طفلها على الاستمرار.
الأطفال لا يحتاجون لمعلم صلب، بل لرفيق يشعرهم بالأمان. وأحيانًا، يكفي أن تقول له الأم: "لقد أخطأت أنا أيضًا"، ليشعر الطفل أن الفشل جزء من الرحلة، لا نهايتها.
كم من الأمهات يشتكين من أن أطفالهن لا يتحدثون؟ أن الحوار بينهما منقطع؟ السر قد يكون في غياب المساحة المشتركة.
البرمجة، دون أن تقصد، تمنح هذه المساحة. تُعطي الأم والطفل مادة يتحدثان عنها، مشكلة يفكران فيها، نتيجة يحتفلان بها، فكرة يتناقشان حولها.
وهذا النوع من الحوار يولد طبيعيًا من خلال العمل المشترك، فالأم تطرح فكرة، والطفل يطوّرها. الطفل يشرح كودًا، والأم تسأله كيف يعمل. ومن هنا تبدأ اللغة المشتركة، لغة قائمة على الاحترام المتبادل والمعرفة المشتركة.
وفي ظل هذا الحوار، تكتشف الأم كيف يفكّر طفلها، وماذا يحب، ومتى يفرح، ومتى يغضب، وكل هذه الاكتشافات لا تقدر بثمن.
البرمجة لم تعد مهارة إضافية، بل أصبحت من اللغات الأساسية للعالم الحديث. ومع ذلك، فإن الطفل وحده لا يعرف كيف يختار، ولا يفرّق دائمًا بين المحتوى المفيد والمضيّع للوقت.
هنا يأتي دور الأم لتُوجّه وترشد، فالأم الواعية هي من تدخل مع طفلها هذا العالم، تستكشفه معه، ثم تساعده على اكتشاف الطريق الصحيح.
وهكذا، لا يصبح تعلّم البرمجة مجرد حصة تعليمية، بل مشروعًا مشتركًا لبناء مستقبل آمن، والأم هنا تُهيئ طفلها منذ الصغر لفهم التقنية من باب الإبداع والإنتاج، وهذا من أعظم ما يمكن تقديمه لطفل اليوم.
ليس من الضروري أن تتقن الأم البرمجة أو أن تكون مبرمجة محترفة لكي تشارك طفلها في هذه الرحلة، فالهدف من المشاركة تكون "مرافقة"، وتُظهر لطفلها أنها تهتم، وتحاول، وتتعلم مثله، وتخوض التحديات بجانبه.
فمشاركة الأم ليست قائمة على المعرفة التقنية، بل على الحضور العاطفي والدعم النفسي، ففضولها ورغبتها في التعلم ستمنح الطفل دفعة كبيرة.
والأطفال، في الحقيقة، يحبّون أن يشرحوا ما يعرفونه، ويشعرون بالفخر عندما يُعلّمون الكبار شيئًا جديدًا.
ووجود أم "تتعلّم" بجانب طفلها يخلق بيئة تعليمية صحية، مليئة بالتجربة والاكتشاف، خالية من الخوف من الخطأ أو الشعور بالنقص.
ومن ثم، فالأم فقط بحاجة إلى رغبة صادقة في الاستكشاف، ونظرة إيجابية للتعلم، ووقت مشترك مع طفلها، وهذا وحده كفيل بصناعة فرق حقيقي في حياة الطفل.
أن تتخذ الأم قرارًا بالمشاركة، فهذا هو النصف الأول من الرحلة، أما النصف الثاني، فهو اتخاذ أول خطوة فعلية.
قد يبدو الأمر مربكًا في البداية: من أين نبدأ؟ هل نحتاج كتبًا؟ منصات؟ هل سأفهم شيئًا أصلًا؟
لكن الحقيقة البسيطة هي أنه لا حاجة للبدء بخطة معقدة، ولا التسجيل في دورة محترفين، فالمطلوب هو الشغف، والنية، وبعض الوقت المشترك. من هنا، يبدأ كل شيء.
ولتسهيل تلك الرحلة، يمكن:
هناك منصات تعليمية مصمّمة خصيصًا المبتدئين، ونجعل البرمجة شبيهة باللعب، مثل Scratch وCode.org وTynker. في هذه المنصات، لا يكتب المتعلم أي سطر برمجي فعلي، بل يرتب"بلوكات" برمجية تشبه قطع البازل.
تتيح هذه الطريقة الفهم التدريجي للمفاهيم الأساسية مثل التكرار، والشروط، والأحداث، والحركة دون الحاجة لفهم لغة البرمجة نفسها في البداية. وهذا مثالي لبناء ثقة مشتركة وخوض مغامرة ممتعة وآمنة.
في زحمة الحياة، لا شيء يحدث دون أن نخصص له وقتًا. لذلك، ينصح بتحديد وقت أسبوعي ثابت -حتى لو نصف ساعة فقط- تجتمع فيه الأم مع طفلها لتعلم البرمجة.
وليكن هذا الوقت خاليًا من التوتر أو الطابع الدراسي الصارم. فليجلسا سويًا، ربما مع فنجان من القهوة وكوب من العصير، وليبدآ مشروعًا صغيرًا.
الانتظام هنا أهم من عدد الساعات، لأن البرمجة تُبنى بالتدريج. وكل جلسة ناجحة، مهما كانت قصيرة، تُضيف إلى الطفل مهارة جديدة، وتُقربه خطوة من تحقيق فكرة أو مشروع صغير يفخر به.
في أول الطريق، ستظهر الأخطاء. كود لا يعمل، وحركة لا تظهر، وصوت لا يصدر. وهنا، تأتي لحظة فارقة: إما أن يتحوّل الخطأ إلى إحباط، أو إلى فرصة للتعلم.
حين تكون الأم حاضرة وتتعامل مع الخطأ بروح مرحة: "آه، يبدو أننا نسينا وضع الكتلة في مكانها"، فإنها تُعلّم طفلها درسًا كبيرًا: أن الخطأ ليس عيبًا، بل خطوة نحو الحل.
الأهم من الحل نفسه، هو الأسلوب في التعامل مع التحدي. وكل خطأ يتحول إلى قصة مشتركة بين الأم وطفلها، قصة تروى لاحقًا بفخر: "تذكر يوم لم تعمل لعبتنا؟ وكيف أصلحناها سويًا؟"
الأطفال بطبيعتهم فضوليون، لكنهم سريعو الملل أيضًا. وقد يبدأ الطفل رحلته مع البرمجة بحماس كبير، ثم يفقد الدافع فجأة إذا لم يجد من يُحفّزه أو يشجّعه في اللحظة المناسبة.
وهنا، يأتي دور الأم في تقديم التجربة كرحلة ممتعة، لا كمهمة مدرسية. فيما يلي مجموعة من النصائح العملية التي تساعد الأم على تحفيز طفلها بشكل فعّال، ويمكن تنفيذ ذلك من خلال:
استخدام القصص يُحرّك خيال الطفل، ويجعله يربط البرمجة بأفكاره وألعابه المفضلة. وكلما شعر أنه يتحكم بالقصة، زاد حماسه للتعلم والتجربة.
عندما ينجح الطفل في إنشاء لعبة صغيرة أو تنفيذ حركة جديدة في مشروعه البرمجي، لا تتركي اللحظة تمرّ كأمر عادي. احتفلي بها، وصفي للطفل شعورك.
عندما لا يعمل الكود أو يعلق المشروع، لا تقولي: "أنت أخطأت"، بل قولي: "لدينا لغز جديد نحتاج لحله!" بهذه البساطة، يتحوّل الخطأ إلى لعبة، والمشكلة إلى تحدٍ ممتع.
ندرك جيدًا في "ميجاميندز" أن مسؤوليات الأم كثيرة، والوقت دائمًا يبدو أقل مما يكفي. لذلك، صممنا برامجنا التعليمية لنكون سندًا حقيقيًا لكِ في رحلة تعلم طفلك البرمجة، لا بديلاً عنكِ، بل دعمًا يُعينك في رحلتك مع طفلك.
فنحن هنا لنعلّم الطفل البرمجة بلغة يفهمها، وبأسلوب ممتع، فنأخذ بيده في خطوات منظمة، من دون أن نشعره بالضغط، وبدون أن تحتاجي أنتِ إلى معرفة مسبقة.
ونؤمن أن دور الأم لا ينتهي عند تسجيل الطفل، بل يبدأ معه، بالملاحظة، والسؤال، والتشجيع. لذا، نتيح لكِ المتابعة، ونمنحك أدوات بسيطة تساعدك على أن تكوني دائمًا حاضرة، دون أن تُثقل كاهلكِ التفاصيل التقنية.
فنحن لا نُعلّم البرمجة فقط، بل نحن نبني جسرًا بينك وبين طفلك، بلغة جديدة، ومهارة تبقى معه مدى الحياة.
البرمجة هي طريقة لفهم العالم، وأداة تمنح طفلك القدرة على التعبير، والإبداع، وحل المشكلات. لكن الأجمل من ذلك، أنها يمكن أن تكون بابًا جديدًا لتقاربكما، ونقطة بداية لمغامرة تشاركانها سويًا.
قد تبدو البداية صعبة، أو غير واضحة. لكنكِ لا تحتاجين لأن تكوني مبرمجة لتبدئي. يكفي أن تكوني أمًا مهتمة، وفضولية، وحاضرة.
ولأننا نعلم أن التوفيق بين الانشغالات اليومية ومواكبة التكنولوجيا قد يكون أمرًا مرهقًا، صممنا في "ميجاميندز أكاديمي" مسارات مخصصة تساعد طفلكِ على تعلم البرمجة خطوة بخطوة بطريقة ممتعة، ومبسّطة، وآمنة.
فإذا كنتِ ترغبين أن تمنحي صغيرك بداية حقيقية نحو المستقبل، فهذه فرصتكِ. سجّلي طفلكِ الآن في "ميجاميندز" وابدئي معه رحلة تعلّم ستفاجئكِ بنتائجها.